تاريخ كنيسة القديس جاورجيوس في بلدة سوق الغرب
سمّيت هذه البلدة بسوق الغرب لأن سوقًا كان تقام في هذه المنطقة الغربيّة من لبنان فيقبل سكّان القرى على شراء حاجيّاتهم منها.لم يكن للمسيحيين كنيسة في هذه البلدة،
فكان الأهلون يضطرون للنزول الى بيروت للمشاركة في القداديس الإلهية. واستمر الحال
على هذا المنوال لغاية 1569 فانتدب الأهالي شخصين هما عبدالله حنا عطية وابن عمه
جريس محفوظ عطية لمقابلة سيادة مطران بيروت برثانيوس (من بلدة كوسبا- الكورة،
لبنان) ومحادثته بشأن بناء كنيسة في البلدة. فكان جواب المطران أن ذلك يحتاج الى
إذنٍ خاص من السلطلت العثمانية في القسطنطينية. فزودهما برسالة توصية الى قداسة
البطريرك المسكوني لمساعدتهما في أمر الحصول على هذا الإذن.
سافر عبدالله وجريس الى القسطنطينية في
شهر نيسان 1569 واستغرق سفرهما ثلاثة أشهر للوصول الى هناك. إستغرق حصولهما على
الإذن ثلاثة أشهر أيضاً عادا بعدها الى سوق الغرب. وفي الحال بوشر ببناء الكنيسة
التي أطلق عليها إسم القديس جاورحيوس. بعد ذلك سيم جريس محفوظ عطية كاهناً لكنيسة
سوق الغرب، واستمرت خدمته أربعون عاماً، وخلفه ابنه موسى الذي خدم الكنيسة لخمسين
عاماً، ثم ابنه نصرالله من سنة 1660 الى
سنة1695. وحيث أن ابنه كان حديث السن أرسل لهم المطران كاهنا من خارج البلدة توفي
عام 1711. بعده خدم الرعية الخوري طانيوس البرباري من حدث بيروت، ثم ابنه سعد عام
1761، وتوالى الكهنة بعد ذلك الى أن سيم الخوري أنطون عطية كاهنا للكنيسة عام
1860، وخلفه ابنه خليل.
سنة 1863 أنشئت مدرسة في سوق الغرب باسم
"الثلاثة أقمار" وذلك في عهد المطران إيروثاوس اليوناني، وقد نُقلت هذه
المدرسة الى بيروت سنة 1867.
رقد المطران إيروثاوس بالرب سنة 1865
وأُلقيت مقاليد وكالة المطرانية الى الإيكونوموس سابا العازار الى سنة1870. خلال
ولايته سنة 1866 تجدّد بناء الدير التابع للكنيسة واصبح ديراً. وقد نُظمت للمناسبة
هذه الأبيات:
لقد تجدّد هذا الدير
متّشحاً نوراً بهمّة أهل الخير يفتخر
دير به بركات الله فائضة
تهدي لمن زاره يمنا به الوطر
به السنى والمنى قد ارخوه في مقام جرجس يزهو المجد والظفر
في سنة 1870 أُقيم المطران غفرائيل شاتيلا
مطراناً على بيروت، وفي سنة 1871 توفي كاهن سوق الغرب وتوالى من بعده على رئاسة
الدير عدد من الرهبان. أُقيم أولاً الخوري المتوحد جراسيموس قطيني، وفي سنة1882
عُيّن الراهب الخوري إيليا من الناصرة، ثم خلفه عام 1890 الخوري نيقولاوس فرح من بسكنتا. وفي العام 1896 ترأس
الدير الإرشمندريت جرمانوس عبدالله من أنفه الكورة.
يذكر أن المطران غفرائيل شاتيلا أسس عام
1890 مدرسة ارثوذكسية إكليريكية في سوق الغرب نُقلت بعد ثلاث سنوات الى بيروت،
وكان رئيسها الشماس مكاريوس صوايا وأحد
مدرّسيها المعلم شاهين عطية.
توفي المطران شاتيلا عام 1901 وقُسّمت
أبرشية لبنان الى أبرشيتين: بيروت وجبل لبنان، وبقيت سوق الغرب وحدها تابعة
لأبرشية بيروت لتكون مركزاً صيفياً للأبرشية كون معظم أبناء حي المطرانية في بيروت
يُصطافون في سوق الغرب.
عام 1902 أُقيم المتروبوليت جراسيموس
مسرّة مطراناً على بيروت وتوابعها، فأراد بناء كنيسة جديدة في سوق الغرب أكبر من
القديمة في المكان نفسه. قام بوضع حجر الأساس في 17 آب 1903 وأقام فيها أوّل قداس
الهي في 15 آب 1904 ، وهي الكنيسة التي ما زالت قائمة لغاية اليوم. وقد قدم
السيدان صالح وجريس مخائيل عطية ساعة كبيرة قارعة وضعت في قبة الكنيسة
الوسطى(أُصيبت خلال الحرب عام 1983). في مناسبة بناء الكنيسة نظم الأستاذ جرجي
شاهين عطية هذه ألأبيات المكتوبة الآن فوق الباب الغربي للكنيسة:
في دير سوق الغرب أفضل بيعة رُفعت دعائمها غلى خير ألأسس
قد شُيّدت بسخاء أرباب التقى وبسعي راعينا الهمّام جراسيموس
ينتاب
باحتها الوفود مواكـباً متطلـّبين
مواهـب الروح القدس
فاشفع
بمن ياتي حماك مؤرخاً يا لابس الظفر
الكريم جيورجيوس
عام 1907 ترأس الدير الأرشمندريت جراسيموس
فواز من بيروت وخلفه ألأرشمندريت مخائيل السيوفي من دمشق. في 12 كانون الأول 1928
انتقل الى رحمته تعالى في دير سوق الغرب المثلث الرحمات البطريرك غريغوريوس الرابع
حداد، ومما يجدر ذكره انّه كان قد تعمّد في هذا الدير عام 1860 . وفي 2 شباط 1935
أقيم أحد تلامذته الأرشمندريت ديمتريوس شحاده من كوسبا الكورة رئيساً لهذا الدير.
توفي المطران جراسيموس في 8 شباط 1936،
فخلفه المتروبوليت إيليا الصليبي ابن بلدة سوق الغرب. في 6 آب 1950 منح سيادته
الأرشمندريت ديمتريوس لقب بروتوسنجلوس كرسي بيروت.
انتقل الأرشمندريت ديمتريوس الى الأخدار
السماوية عام1969 وأتى بعده الأرشمندريت
جورج صليا من بتغرين، ثم الأرشمندريت نقولا الشامي من بلدة الحواش في وادي النصارى
في سوريا عام1973 حتى العام 1983.
توفي المطران أيليا في11 تشرين الأول 1977
وعُيّن سيادة ألأسقف غفرائيل الصليبي (متروبوليت أوروبا الغربة الحالي) معتمداً
بطريركياعلى ابرشية بيروت الى حين انتخاب سيادة المتروبوليت الياس عوده مطراناً
على الأبرشية في 5 شباط 1980.
عصفت الحرب الأهلية بجبل لبنان في صيف 1983
وتعرضت الكنيسة والدير والبلدة لدمار هائل، ونزح أهل البلدة الى بيروت.
إنتهت الحرب في تشرين ألأول 1990 فعقد
سيادة المتروبوليت الياس العزم على إعادة بناء الدير والكنيسة المهدّمين. فسام
الخوري فيليب سعيد كاهنا لخدمة الرعية في 25 آذار 1993 وابتدأ العمل على مخططات
إعادة إعمار الكنيسة. ترأس سيادته خدمة القداس الإلهي في الكنيسة دون سقف في 23
أيلول 1994 وأعلن بدء العمل في ترميم الكنيسة، وقد دشنها في 6 آب 1996. بعدها صار
ترميم بيت الرعية المجاور للكنيسة وتجهيز صالونه وقد أُطلق على البيت اسم
"بيت ألإرشمندريت ديمتريوس شحاده" . لاحقا تمّ بناء مستوصف القديس
جاورجيوس تحت ساحة الكنيسة لخدمة أبناء البلدة والجوار، وقد افتتحه سيادة راعي
الأبرشية في 6 آب 2000.
أما بالنسبة الى الدير المهدّم المجاور
للديرالذي كان مقراً صيفياً لمطرانية بيروت (خلال فصل الصيف) ومدرسة ابتدائية
رسمية (في الشتاء)، وبناءً على توجيهات سيادة المتروبوليت الياس وببركته، فقد تم
وضع المخططات والخرائط لإعادة بناء الدير وجعله مركزاً للشبيبة والمؤتمرات
والخلوات الروحية. الورشة انطلقت مع الحفر والتدعيم في 9 آب 2003، وبارك سيادته
حجر الأساس في 2 تشرين الثاني 2003.
No comments:
Post a Comment